وفقاً لمؤشر البنك الأهلي ودان آند براد ستريت
عبد الهادي حبتور من جدة
كشف تقرير مسحي حديث أن بوادر الانتعاش في الاقتصاد العالمي التي ظهرت أخيراً ستؤدي إلى زيادة الطلب المتوقع في السعودية، خصوصاً في قطاعي الصناعة والتجارة، وسط توقعات بتحسن النشاط في مجال التمويل وقطاع الخدمات والأعمال في ظل وجود مؤشرات لزيادة السيولة في الأسواق المحلية والدولية.
وأظهر التقرير أن 83 في المائة من قطاع الأعمال في السعودية يتوقعون ثبات أسعار المواد الاستهلاكية خلال الفترة المقبلة دون تغيير، فيما ينوي 36 في المائة من وحدات الأعمال من غير قطاع النفط والغاز زيادة استثماراتهم المستقبلية والتوسعية.
وأوضح الدكتور سعيد الشيخ كبير اقتصاديي البنك الأهلي التجاري على هامش إعلان نتائج تقرير الربع الثالث لمؤشر البنك الأهلي ودان آند براد ستريت للتفاؤل بالأعمال في السعودية أمس، أن المؤشر أظهر تحسناً في ثقة مجتمع الأعمال وكان أداء كافة القطاعات أفضل مقارنة بنتائج الربع الثاني، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على أداء قطاع الأعمال في النصف الثاني من 2009.
ولفت الشيخ بأن التقرير يشير إلى ظهور مؤشرات إيجابية إلى إمكانية تعافي الاقتصاد العالمي، مع ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى خلال سبعة أشهر لتبلغ 70 دولارا للبرميل الواحد، وأضاف «إن نتائج المؤشر للربع الثالث تظهر في مجملها تحسناً في ثقة مجتمع الأعمال بالمناخ الاقتصادي المحلي للشهور الثلاثة المقبلة، وهذا له دلائل إيجابية ستنعكس على أداء الاقتصاد السعودي في النصف الثاني من هذا العام، وهو ما تؤكده أيضاً نتائج أرباح الشركات السعودية للربع الثاني التي أشارت في مجملها إلى استمرار النمو واستقرار الاقتصاد الكلي بشكل عام على الرغم من تبعات الأزمة المالية العالمية التي واجهتها قطاعات المال والأعمال».
من جانبه، قال راجيش ميرشنداني الرئيس التنفيذي لشركة دان وبرادستريت جنوب آسيا والشرق الأوسط المحدودة «في ظل ظهور المزيد من المؤشرات التي تدل على تراجع آثار ركود الاقتصاد العالمي، تبرز التوقعات المستقبلية لمجتمع الأعمال السعودي للربع الثالث بمزيد من الثقة والإيجابية، فقد أشارت نتائج مؤشر التفاؤل بالأعمال إلى ارتفاع توقعات ربحية وحدات الأعمال من غير قطاع النفط والغاز لتصل إلى 42 نقطة مقابل 12 نقطة في الربع الثاني، ويدعم هذا التوجه صعود قوي قي مؤشر التفاؤل لحجم المبيعات للربع الثالث والذي بلغ 49 نقطة مقابل 12 في الربع الثاني.
وتوقع التقرير أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطاع النفط والغاز بحدة العام الحالي بمقدار 10.5 في المائة وذلك بسبب هبوط أسعار النفط والانخفاض الكبير في الإنتاج، فيما يتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية 3.3 في المائة هذا العام، وأن يتحسن بشكل طفيف إلى 3.5 في المائة عام 2010.
وبيّن التقرير أن أكثر من 70 في المائة من شركات التصنيع السعودية متفائلة بالمبيعات والطلبيات الجديدة وتتوقع ارتفاعات في الجانبين، كما يتوقع 42 في المائة من الشركات الصناعية تراجعاً في الأسعار في الربع الثالث.
وأشار التقرير إلى وجود انتعاش متواضع في قطاع الإنشاء في 2010، مبيناً أن المحرك الرئيسي لنمو هذا القطاع يكمن في مشاريع البنية التحتية، ويتوقع عدد كبير من شركات الإنشاء إبرام عقود جديدة وارتفاعا في المبيعات، إضافة إلى خطط لزيادة عدد الموظفين في الربع الثالث.
أما قطاع الخدمات اللوجستية والاتصالات، يوضح التقرير أن 58 في المائة من الشركات تتوقع ارتفاع المبيعات، بينما 67 في المائة يتوقعون ارتفاع الطلبيات الجديدة.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة السعودية تمثل داعما قويا للقطاع المالي، مبيناً أن غالبية الشركات في هذا القطاع تتوقع ارتفاع المبيعات، الطلبيات الجديدة، وصافي الأرباح في الربع الثالث، كما أن 72 في المائة يتوقعون عدم تغيير الأسعار، و39 في المائة ينوون زيادة عدد الموظفين.
وخلص التقرير إلى أن 70 في المائة من المشاركين في الاستطلاع من قطاع الصناعات اعتبروا أن أسعار المواد الخام لا تزال تشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لهم، فيما يواجه 43 في المائة من وحدات الأعمال في غير قطاع النفط والغاز نقصاً في التمويل. كما أن 50 في المائة من الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز تواجه التأخير في المشاريع، و55 في المائة من الشركات في غير قطاع النفط والغاز، و70 في المائة من قطاع النفط والغاز يتوقعون انتعاش الاقتصاد العالمي في 2010.
على صعيد ذي صلة، توقع الشيخ أن يعاود النمو الائتماني نشاطه في السعودية خلال الربعين الثالث والرابع من العام الحالي بشكل تدريجي، وزيادة الطلب من قبل قطاع الأعمال إلى جانب قيام البنوك المحلية بتخفيف الإجراءات التحفظية التي اتخذتها إبان أزمة الائتمان العالمية.
وقال إن وتيرة النمو الائتماني السنوي بدأت تنخفض منذ الأشهر الأولى من العام الجاري 2009 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأضاف الشيخ «وضع الائتمان في 2008 وبالذات في قطاع الأعمال نما بوتيرة قوية حيث بلغ مستوى النمو في الربعين الثاني والثالث 35 إلى 40 في المائة على أساس سنوي، كما أن إجمالي الائتمان للقطاع الخاص سواء للأفراد أو الشركات نما بنسبة 33 في المائة عن العام السابق له».
وأشار كبير اقتصاديي البنك الأهلي إلى أن البنوك المحلية اتخذت العديد من الإجراءات التحفظية والاحتياطية بعد حدوث أزمة الائتمان العالمية كإجراء احترازي ووقائي، وتابع «أثرت الأزمة العالمية في قرارات المؤسسات المالية واضطرت إلى إعادة تقييم محفظة الائتمان لديها في ظل الأزمة العالمية وانعكاساتها على محفظة الاستثمار أو محفظة القروض، الأمر الذي ولد نوعاً من التحفظ لدى البنوك لضمان سلامة ملاءاتها المالية».
وفي جانب آخر، لفت الدكتور سعيد إلى أن قطاع الأعمال والشركات هو الآخر بدأ يعيد تقييمه فيما يتعلق بالاستثمارات المستقبلية والتوسع والنمو عام 2009، وهو ما يشير إلى وجود عاملين مؤثرين في الجانب الائتماني يتمثلان في العرض والطلب.
ويواصل الشيخ «أما العرض فأصبحت البنوك أكثر تحفظاً فيما يتعلق بالائتمان ولذلك نجد أن وتيرة النمو في الائتمان على أساس سنوي وفقاً للشهور الأولى من 2009 نجد أنها بدأت تنخفض عن وتيرتها مقارنة بالعام الماضي، فإلى شهر أيار (مايو) كان الائتمان سالباً مقارنة بنهاية عام 2008، وأصبح هناك تراجع في حجم الائتمان مقارنة بنهاية العام الماضي نظراً لعوامل العرض والطلب».
وعلل كبير اقتصاديي البنك الأهلي قيام البنوك السعودية بزيادة استثماراتها الأجنبية في الفترة الأخيرة إلى نمو مستوى الودائع لديها وتوفر سيولة فائضة لديها، وأردف «في ظل استمرار نمو مستوى الودائع أصبح لدى البنوك توفر في السيولة بوتيرة أقل منها في العام الماضي ولكن بأعلى من وتيرة النمو في الإقراض وبلا شك أن البنوك بدأت تضع هذه الفوائض إما لدى مؤسسة النقد كاحتياطيات إضافية، أو استخدامها في الاستثمارات الخارجية التي نمت بوتيرة عالية خلال الشهرين أو الثلاثة الماضية».
وتوقع الدكتور سعيد الشيخ وبناء على مؤشرات التحسن والاستثمار في قطاع الأعمال السعودي، أن يعاود النمو على الائتمان بالطلب ولكن بشكل تدريجي خلال الربع الثالث والرابع من العام الحالي، إلى جانب قيام البنوك المحلية بتخفيف الإجراءات التحفظية الاحتياطية التي اتخذتها سابقاً لمواجهة آثار الأزمة المالية العالمية.