عبدالهادي حبتور من جدة
حذر خبراء ومختصون اقتصاديون من أن أزمة قد تصيب المصارف الخليجية في المستقبل القريب بفعل تأثيرات الأزمة المالية العالمية المتلاحقة المنطقة، مشددين على وجوب وضع خطط وسياسات استباقية من قبل البنوك المركزية الخليجية لمنع حدوث ذلك.
وأكد الخبراء على هامش ندوة "انعكاسات الأزمة المالية العالمية على اقتصاد دول الخليج" في غرفة جدة أمس أن هناك مشكلة في الإفصاح والشفافية تعانيها البنوك والمؤسسات في دول الخليج معتقدين أن إخفاء الحقائق من مصلحة الاقتصاد وعدم التسبب في صدمة للناس، إلى جانب ضعف الأجهزة في تلك المؤسسات وعدم تطبيقها أنظمة الحوكمة.
كما دعا خبراء الاقتصاد أنفسهم إلى وضع استراتيجية جديدة لما بعد الأزمة المالية العالمية والعمل على استقرار الاقتصاد الخليجي من خلال الاستثمار داخل دول مجلس التعاون، معتبرين ذلك هو الحل الأمثل للاستفادة من الأموال الموجودة في المنطقة.
وكشف المختصون أن الآثار الناتجة عن الأزمة المالية العالمية في الوقت الراهن لا تشكل سوى 30 في المائة فقط من التداعيات المحتملة والتي يتوقع ظهور ملامحها بشكل جلي في الربع الأول من العام الجاري 2009 وعلى ضوئها سيتم الحكم على مدى تأثر دول الخليج بالأزمة بوضوح.
واستهل الدكتور وديع كابلي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز حديثه بالتأكيد على أن الأزمة المالية العالمية أفرزت سبع صدمات لاقتصادات الدول تتمثل في صدمة أسواق الأسهم، الصدمة الدولارية، الصدمة البنكية، الصدمة العقارية، الصدمة السياحية، الصدمة البترولية الكبرى، ومن ثم الصدمة الدخيلة وهو ما يصيب الأفراد والشركات بسبب هذه الأزمة.
ولفت كابلي إلى أن تأثيرات الأزمة المالية العالمية في الدول الخليجية حتى الآن لا يشكل سوى 30 في المائة فقط، فيما التداعيات الأكبر لهذه الأزمة ستتضح معالمها من خلال إعلان نتائج الربع الأول من العام الجاري 2009، مبيناً أن هناك مشكلة في الإفصاح والشفافية في المصارف الخليجية..
من جانبه، أعاد عبد الرحيم حسن نقي أمين عام اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي التأكيد على وجود مشكلة في عملية الإفصاح والشفافية من قبل البنوك والمؤسسات المالية الخليجية مرجعاً السبب إلى نقص الأجهزة وعدم اتباع البعض نظام الحوكمة وأضاف "نتيجة لذلك لا نملك الأرقام الصحيحة حتى الآن عن مدى تأثير الأزمة المالية العالمية، لكننا نتوقع أن تتضح آثار الأزمة ومدى توغلها في الاقتصادات الخليجية في شهر آذار (مارس) المقبل بعد أن تعلن كافة المؤسسات نتائجها المالية بشكل كامل، وعلى ضوئها سوف يتم الحكم على مقدار تأثر دول المنطقة".
وتابع نقي "نتوقع أن تتركز آثار الأزمة بشكل شديد في القطاع العقاري وقطاع الأوراق المالية لأنها تحوي استثمارات داخلية وخارجية، أما البنوك ستتأثر من عملية الرهن العقاري بشدة، لأنها لا تمتلك منتجات تعمل على تطويرها، كل ما لديها فقط إما رهن عقاري وإما قروض استهلاكية على الأشخاص أو بطاقات ائتمانية، وعملية الرهن العقاري ستكون مرتبطة بمدى قوة الشخص الذي رهن العقار، فإذا ضغطت البنوك على الرهن سيخسر الطرفان (الراهن والبنك) وبالتالي نحتاج إلى عملية إعادة في مثل هذه الأمور".
وأوضح نقي أن السؤال المطروح الآن ما مستقبل الاقتصاد الخليجي بعد انتهاء الأزمة المالية العالمية، وأردف "ما نسعى إليه هو استقرار اقتصاداتنا والحل الأمثل اليوم للخليجيين هو الاستثمار داخل دول المجلس، وإذا ما تم بناء استراتيجية "صنع في الخليج"، ويجب وضع الاستراتيجية على هذا التصور، ونحن كاتحاد للغرف الخليجية وضعنا تصور القطاع الخاص ووضعنا توصيات بهذا الخصوص لأصحاب القرار وهم الأعرف أكثر منا لكننا نتمنى منهم استشارة القطاع الخاص لأنه هو مخرجهم في النهاية.
في غضون ذلك، أشار الدكتور عبد الله السلمان مدير مركز المعاملات المالية في جامعة الكويت وعضو الجمعية الاقتصادية الكويتية إلى أن درجة التشابك ما بين القطاعات الاقتصادية كبيرة، لأن المصارف تأخذ الودائع وتقرضهم للأفراد والمؤسسات الاستثمارية وهي جوهر الأزمة التي دارت فيها عمليات المضاربة وتطوير الأدوات المالية أو "المشتقات" لذلك لابد أن نتساءل عن هذه القروض التي أعطتها المصارف ومدى إمكانية القدرة على دفعها؟ كذلك المؤسسات المصرفية دخلت في عدة استثمارات في الأسهم والعقارات وهذه قيمتها انخفضت، والسؤال هو هل هناك مخصصات مالية كبيرة وضعت لمواجهة هذه الانخفاضات في الأصول والتسهيلات الائتمانية؟ وإذا لم تواجه هذه المخاطر فإنك ستضطر للجوء إلى رأس المال، وإذا لم يكن رأس المال كافيا يعني ذلك عدم ملاءة هذه المؤسسات المصرفية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق