الاقتصادية تفتح ملف المساهمات العقارية3
الأموال المهدرة والفرص الضائعة تزيد على 150 مليار ريال
عبد الهادي حبتور من جدة
اتفق عدد من المسؤولين العقاريين على أن إقرار آلية عمل لجنة المساهمات العقارية من مجلس الوزراء سيسهم في تنظيم طرح المساهمات العقارية للجمهور والرقابة عليها، وضمان حفظ حقوق المساهمين وتصفية هذه المساهمات، مما يشكل تحولاً جذرياً في بداية النهاية لطي ملف هذه المساهمات دون رجعة.
وأكدوا ضرورة سرعة تفعيل قرار مجلس الوزراء، وأن تكون اللجنة المشكلة لهذا الغرض على قدر المسؤولية وحرص ولاة الأمر لحفظ حقوق المواطنين وسرعة استردادها، مشيرين إلى أن من قاموا بهذه المساهمات أساءوا للقطاع العقاري بشكل عام، وما قيام اللجنة إلا الإسراع في إرجاع الحقوق لأصحابها, ما سيعيد السمعة الطيبة لهذا القطاع الحيوي في البلاد.
وعاب المسؤولون والعقاريون أنفسهم على لجنة المساهمات التي شكلت من مجلس الوزراء وقامت بحصر أعداد المساهمات خلال الفترة الماضية, عدم وجود الشفافية والإفصاح عند أعداد المساهمات وحجمها الفعلي في البلاد، وأن الوقت الراهن يتطلب عدم التكتم ونشر جميع المعلومات المتعلقة بهذه المساهمات المتعثرة للناس.
وقال لـ"الاقتصادية" نجيب العيسى رئيس مجلس إدارة شركة مد العقارية إن حكومة خادم الحرمين الشريفين أولت موضوع المساهمات العقارية اهتماماً بالغاً وهي حريصة على إقفال هذا الملف الذي أغفل لمدة زمنية طويلة تضرر على أثرها عديد من المواطنين الذين خسروا أموالهم ومدخراتهم دون وجه حق.
وأضاف العيسى "للأسف الشديد دخلت بعض المجموعات للعمل في المساهمات العقارية وأساءوا إلى سمعة العقار بشكل عام في السعودية، وفي رأيي أن اللجنة التي شكلت أخيراً من مجلس الوزراء ستعيد الهيبة والسمعة للقطاع العقاري, إلى جانب ضبط وحفظ مصالح جميع الأطراف المستثمر والمواطن".
ولفت رئيس مجلس إدارة شركة مد العقارية إلى أن بعض الأشخاص حاولوا العمل في المساهمات لكنهم لم يوفقوا, وبالتالي تحولت العملية إلى منظمة في الوقت الحالي، متمنياً أن تكون اللجنة على مستوى مسؤولية وحرص ولاة الأمر في الحفاظ على مصالح المواطنين وتفعيل توجيهات القيادة الرشيدة وسرعة تنفيذها لأن عامل الوقت يمثل أهمية بالغة في تصفية هذه المساهمات.
وعن الركود السائد حالياً في القطاع العقاري وما إذا كان سيؤثر في أسعار المساهمات العقارية في تصفيتها الآن، قال العيسى "الهدوء الذي تشهده السوق العقارية في الوقت الراهن مؤقت ولن يتعدى الشهرين إلى الستة أشهر، وحتى إنهاء إجراءات اللجنة التي شكلت وتفعيلها نتوقع أن تشهد السوق تحسناً في الأسعار، وفي حال جاء وقت بيع المساهمات العقارية في وقت كانت الأسعار غير مناسبة يمكن تأجيل الأمر لشهر أو اثنين حتى يعود النشاط للسوق وترد الحقوق لأصحابها كاملة".
وأشار نجيب العيسى إلى أن المساهمات العقارية قد تحتاج إلى بعض الوقت حتى يمكن حلها, لأنها معقدة منذ بداياتها، مبيناً أن قرار مجلس الوزراء الأخير بإعطاء صلاحيات أكبر للجنة سيفي بالغرض, وينجز هذه المساهمات بشكل أسرع وفاعل.
لكن العيسى عاب على لجنة المساهمات التكتم الشديد وعدم وجود الشفافية بخصوص أعداد المساهمات وحجمها في المملكة، وأردف "نتمنى وجود الشفافية في الوقت الراهن الذي يتطلب ذلك وإعلام الناس بالأعداد الحقيقية لهذه المساهمات وأحجامها، كما يجب تخصيص أرقام تواصل للإبلاغ عن المساهمات المتعثرة من المواطنين في حال اكتشافها، وتثقيف المواطن بهذه المساهمات وكيفية التعامل معها حتى لا يقع مرة أخرى ضحية لمثل هذه الأعمال غير المشروعة".
إلى ذلك، كشف مازن بترجي نائب رئيس غرفة جدة أن تعثر المساهمات العقارية في السعودية أدى إلى ضياع حقوق الآلاف من الناس، إضافة إلى ضياع الكثير من الفرص الاستثمارية من خلال حجز وتوقف هذه المساهمات لسنوات دون الاستفادة منها, ولا سيما أنها مزودة بالخدمات وجاهزة للبدء في تنفيذ المشاريع العقارية عليها.
وتابع بترجي "المعلومات المتداولة أن حجم المساهمات العقاري يناهز الـ 150 مليار ريال, وهو مبلغ ضخم دون شك، يتمثل في حقوق للمواطنين الذين خدعوا باستثمارات وهمية، كما يمثل فرصاً ضائعة, أمام الاستثمار والاستفادة من هذه الأراضي الجاهزة وهو ما يجلب الضرر على الجميع دون استثناء".
وأشار مازن بترجي إلى أن تدخل الدولة بقوة في السنوات الأخيرة وتجميد بعض الأرصدة وتوكيل المحاكم والمحاسب القانوني ببيع هذه المساهمات أدى إلى حل كثير منها، لافتاً إلى إعطاء صلاحيات أكبر للجنة المساهمات هو امتداد لاهتمام الدولة بمصالح المواطنين وسرعة حل مشكلاتهم.
وعن الدور المنتظر من غرفة جدة في المساعدة لحل وإنهاء مسألة المساهمات العقارية المتعثرة, أوضح نائب رئيس الغرفة أنهم يستطيعون المساعدة في إجراء وتنظيم المزادات لهذه المساهمات بحيث يمكن نقلها إلى مختلف أنحاء المملكة وإطلاع عدد أكبر من المستثمرين عليها وهو ما يعود بالفائدة على المساهمين.
بدوره, ألقى الدكتور طارق فدعق رئيس المجلس البلدي في جدة بجزء كبير من المسؤولية على المواطنين الذين يستثمرون أموالهم بطريقة "عشوائية" دونما التحقق أو التأكد من صدق وموثوقية هذه المساهمات قبل الإقدام على الدخول فيها ومن ثم التورط في استثمارات وهمية.
وأشار فدعق إلى أن كثيراً من الناس ينخدعون بمجرد رؤيتهم لمكتب مبيعات فخماً ومندوبي مبيعات محترفين دون أن يبذلوا أي جهد في السؤال أو التحري عن هذه المساهمات وجديتها، وأضاف "من غير اللائق الإقدام على أي خطوة استثمارية حتى وإن كانت بسيطة قبل إجراء بعض الجهد للتحقق والاطمئنان أن الاستثمار حقيقي، يستطيع أي شخص أن يقوم بطبع بروشورات عن أي فرصة استثمارية وتوزيعها، أستطيع أن أعمل لك مطبوعات عن أهرامات مصر وأبيعها لك بسهولة، وأن أسوقها على أنها استثمار ممتاز وخلال سنوات قليلة ستسترد أموالك، نحن في حاجة ماسة إلى أن نعيد النظر في تصرفاتنا الاستثمارية".
وحول عمل لجنة المساهمات التي أقرها مجلس الوزراء أوضح رئيس المجلس البلدي أنها خطوة في الطريق الصحيح لكنه شدد على أن التفاصيل هي المهمة ويجب التركيز عليها، وأردف "يجب معرفة العلاقة بين المستثمر وجهة الاستثمار وتقنينها وفق أطر ولوائح واضحة ومدروسة، بعض الشركات تنتهي مهمتها عندما تبيع الوحدات التي لديها بالكامل، فيما المستثمر تبدأ مشكلاته من هذه النقطة بالتحديد".
وكشف الدكتور طارق فدعق إلى أن بعض المشاريع غير لائقة تخطيطياً ولا معمارياً ولا جمالياً، واصفاً إياها (بالتعيسة) وأن المسألة لا تتعدى كونها بهرجة إعلامية لا أكثر.
في غضون ذلك، وصف عبد الحكيم السعدي نائب الرئيس العام في شركات العيسائي القرار الأخير الذي يخول للجنة المساهمات التصرف واتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية لحل المعوقات التي تقف أمامهم بأنه خطوة محورية ومهمة في الطريق إلى القضاء بشكل كامل على جميع المساهمات المتوقفة والمتعثرة في المملكة.
وبيّن السعدي أن الوقت حان لإنهاء هذا الملف الشائك والذي أثر بصورة سلبية في القطاع العقاري في السعودية، وتابع "في ظل الطفرة التنموية والاقتصادية التي تعيشها البلاد نحن بحاجة إلى أن نحفز السوق والمستثمرين للدخول وتنشيط القطاع، وفي رأيي أن حل مسألة المساهمات العقارية سيكون له الأثر الإيجابي الكبير في تحسين وتغيير النظرة لسوق العقارات في المملكة بعد أن أساء إليها بعض من ضعاف النفوس والساعين للكسب غير المشروع".
في السياق ذاته، يلفت هاني باعثمان الرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية أن تفعيل قرارات مجلس الوزراء سيعيد الثقة للشركات والمطورين العقاريين ويسهم في تحفيز وتنشيط القطاع من جديد، وأضاف "العمل بمثل هذه الآلية ووصول أصدائها للقطاع الخاص فإن ذلك سيكون محركاً له للاستثمار مرة أخرى في السوق العقارية التي فقدت كثيراً من قيمتها بسبب تعثر عديد من المساهمات".
وتابع باعثمان: "حالياً تحتاج السوق العقارية إلى هذه الخطوة وتوجيه السيولة الموجودة لدى الناس وتحويلها من سوق الأسهم إلى العقارات، وتزيد خيارات المطورين العقاريين بالدخول في مساهمات منظمة وسليمة يمكن الاستثمار من خلالها وفقاً للإجراءات المعمول بها في البلاد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق