عبد الهادي حبتور من جدة
حذر مختصون من سماسرة أجانب نشطوا أخيرا في الترويج وإبرام صفقات لشركات وهمية أو مقفلة لأسباب قضائية في بلدانها مع مستثمرين خليجيين، مستغلين الأزمة المالية العالمية وخلقها لفرص استثمارية مختلفة في عدد من الدول الأجنبية، ولا سيما تلك التي تأثرت كثيراً بالأزمة الاقتصادية.
وينشط السماسرة تحت مسميات تتبع مناطق غير بلدان نشأتها، وذلك للهروب من أي مساءلة وملاحقة قضائية قد يتعرضون لها مستقبلاً في حال اكتشف أمرهم، وهو ما يجعل أمر ملاحقتهم في غاية الصعوبة، لافتين أن عددا من الشركات التي يتم نفيها تبحث لها عن ملاجئ في مواقع أخرى لتستمر في عملياتها غير المشروعة.
وأرجع الخبراء سبب وقوع البعض في صفقات وهمية ربما تفقدهم رساميلهم بالكامل إلى ضعف الثقافة الاستثمارية لدى عدد كبير من المستثمرين الخليجيين، والقوانين والأنظمة في معظم الدول التي تعرض فيها هذه الفرص الاستثمارية، منوهين بالدور الذي يجب أن تضطلع به الجهات المعنية سواء وزارات التجارة أو الغرف التجارية الصناعية لحماية المستثمرين والتدقيق في هوية السماسرة الذين ينشطون في السوق الخليجية في الفترة الأخيرة.
د. سامي النويصر
وكشف لـ "الاقتصادية" الدكتور سامي النويصر رئيس مجلس إدارة مجموعة السامي القابضة أن الفترة الأخيرة شهدت ظهور أسماء جديدة لشركات لم تكن معروفة من قبل وتعمل في أنشطة مختلفة تسوق لفرص استثمارية خارجية الأمر الذي لم يكن رائجاً في السابق.
وقال: "مثل هذه العمليات كانت في الماضي مقصورة على البنوك الكبيرة، حيث تقوم بالترويج لبعض الفرص الاستثمارية، ولا سيما في القطاع المالي، على النقيض مما يحدث اليوم من انتشار لعدد كبير من المسميات التي لم نسمع عنها من قبل".
وأضاف النويصر: في ظل اقتصاد العولمة وأنظمة منظمة التجارة العالمية التي تفتح الأسواق على بعضها يكون ردع الأنظمة والقوانين أمراً ثانوياً، ويأتي في المقام الأول وعي المستثمر نفسه ودرجة ثقافته الاستثمارية، كما أن وزارة التجارة والغرف التجارية ينبغي أن تقوم بدورها بشكل أفضل لحماية المستثمرين الذين قد يتلقون فرصاً مجدية اقتصادياً لكنهم لا يعلمون مدى مصداقيتها.
وأشار رئيس مجلس إدارة مجموعة السامي القابضة إلى أن المستثمرين اليوم بحاجة إلى بدائل استثمارية وقنوات استثمار جديدة تختلف عن تلك الموجودة حالياً، مبيناًَ أن الكثير من المستثمرين خسروا في أسواق الأسهم، وما زالوا متخوفين وينتابهم التردد إزاء الدخول في القطاع العقاري الذي يبدو ضبابياً حتى اللحظة.
وتساءل الدكتور سامي عن الأنظمة التي تحمي المستثمر في حالة إقدامه على اغتنام بعض الفرص الاستثمارية في دول أخرى، مؤكداً أن من حق المستثمر الحصول على كتيب خاص يوضح هذه الفرص ويوقع على كل صفحة منه للتأكد من معرفته بدرجة المخاطرة والعائد وتفاصيل المشروع قبل الإقدام على أي خطوة قد تكون غير محسوبة.
غير أن النويصر أوضح أن أي مستثمر تعرض عليه مثل هذه الفرص يمكنه القيام ببعض الخطوات الوقائية التي قد تجنبه الوقوع في مشكلات مستقبلية منها الاتصال بالغرف التجارية أو القنوات الرسمية لهذه الشركات، إضافة إلى أصحاب الخبرة القانونية والمالية، للاطلاع على وضع الشركة في بلدها الأصلي ومخاطبة الأقسام التجارية للسفارات وممثليات هذه الدول.
د. ماجد قاروب
إلى ذلك، أشار المحامي الدكتور ماجد قاروب رئيس لجنة المحامين في غرفة جدة أن هؤلاء السماسرة يعدون مخالفين لنظام الإقامة في البلاد لأنهم دخلوا بتأشيرة زيارة لا تخلوهم للترويج لأي فرص استثمارية التي عادة يتم تسويقها عن طريق الغرف التجارية أو المعارض المتخصصة.
كما أكد قاروب أن هؤلاء مخالفون للنظام التجاري العام الذي يحدد مواصفات رجال الأعمال، سواء كان فردا أو شركة، مشيراً إلى أن عشرات الصفقات تعقد يومياً في عدد من الفنادق بصورة غير مشروعة بالرغم من تحذيرات مؤسسة النقد العربي السعودي."
وأردف الدكتور ماجد "للأسف المجتمع لم يتعلم من الدروس السابقة، محلياً، عربياً، ودولياً، وآخر قضية نصب عالمي قام بها الرئيس السابق لبورصة ناسداك بـ 50 مليار دولار نصب فيها على كبرى البنوك العالمية وبعض البنوك المركزية من ضمنها بنوك ومؤسسات مالية عربية".
وأفاد رئيس لجنة المحامين في غرفة جدة إلى أن جزر (الأوفشور) يلجأ إليها رجال أعمال وشركات كبرى في عملياتهم المالية والتجارية بعيدا عن مكتب الملاحقة الضريبي، وعمليات من هذا النوع لا تلاحق قانونيا في درجات معينة إلا إذا اكتشف الغش والتلاعب بالنظام المالي الصارم في البلاد، لافتاً إلى أن المشكلة تكمن في الممارسات ولذا يتوجب الاستعانة بمستشارين يتبعون للغرف التجارية أو مكاتب قانونية معروفة.
وعن ملاحقة هؤلاء السماسرة والشركات قضائياً أفصح قاروب أن قضايا من هذا النوع تبدأ خاطئة، ولذلك، فإن عملية إكمالها مستحيلة لأن بعض الحالات قد لا يتوفر فيها حتى عنوان الشركة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق