الثلاثاء، 23 يونيو 2009

خبراء: المصارف الإسلامية في خطر.. والجدل الفقهي يهدد مستقبل التمويل الإسلامي

مؤكدين أن ما يحدث في سوق الأسهم لا علاقة له بتقلبات أسعار النفط عبد الهادي حبتور من جدة حذر خبراء اقتصاديون وماليون من أن المصارف الإسلامية أصبحت اليوم تواجه المخاطر نفسها التي تعانيها المصارف التقليدية، في أعقاب توجه الأولى إلى المبالغة في الاقتراض قصير الأجل من خلال مقلوب التورق، والإقراض طويل الأجل عن طرق التورق المصرفي. ولفت الخبراء إلى أن التمويل الإسلامي يواجه بعض مظاهر الخطر التي قد تعوق تقدمه في السنوات المقبلة، يأتي في مقدمتها الجدل الفقهي حول بعض المنتجات المالية، ومحاولة محاكاة الاستثمارات والمنتجات الغربية، الأمر الذي يعرض قارب صناعة المصرفية الإسلامية للارتطام بالصخور وإعاقة مسيرتها. إلى ذلك، نفى الخبراء أنفسهم وجود أي ارتباط بين أداء السوق المالية السعودية وتقلبات أسعار النفط العالمية، مشيرين إلى أن التلازم بين التداول وأسعار البترول منذ 2003 حتى العام الجاري 2009 لم يتعد 0.07 فقط. ودعا خبراء المال إلى عدم الاعتماد الكامل على وكالات التصنيف في تحليل الائتمان، وتوقع نقص السيولة في السوق، إضافة إلى فهم تعقيد المؤسسات المالية لتلافي الوقوع في أزمات مماثلة مستقبلاً. وقال أندرو برودلي الرئيس التنفيذي لشركة الخبير المالية، على هامش اللقاء العلمي الذي أقامه مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز البارحة الأولى، إن صناعة إدارة الأصول الإسلامية أصبح لديها الكثير لتفتخر به، حيث زاد عدد اللاعبين منذ عام 2003 حتى 2009 بشكل كبير، وشهدت هذه الفترة زيادة كبيرة في عدد الصناديق المالية الإسلامية وتوسعا في الخيارات أمام المستثمرين. وفاجأ برودلي الكثير من الحاضرين من الاقتصاديين والمتابعين بتأكيده أن أداء السوق المالية السعودية ليس له أي ارتباط أو تأثر بأسعار النفط وتقلباتها، مبيناً أن التلازم بين التداول وأسعار البترول منذ كانون الثاني (يناير) 2003 حتى نيسان (أبريل) 2009 كان بسيطاً جداً ولا يكاد يذكر 0.07. وأضاف "يبدو أن مديري الصناديق الإسلامية غير قادرين على ترجمة احتياجات المستثمرين إلى صناديق استثمار فعلية قابلة للتطبيق". من جانبه، تحدث الدكتور سامي السويلم نائب رئيس المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية عن اختلال الآجال، التي يقصد بها الالتزامات أقصر من الأصول (اقتراض قصير الأجل وتوظيف طويل الأجل)، وتخفيض التكلفة (الفائدة طويلة الأجل أقل عادة من قصيرة الأجل)، إلى جانب اختلال العملات وهو الاقتراض بعملة والتوظيف بعملة أخرى، أو استغلال تفاوت الفائدة على العملات. ولفت السويلم إلى أن 70 في المائة من مشكلات القطاع المالي هي من داخله ولا علاقة لها بالاقتصاد الحقيقي، مبيناً أن تحويل الآجال يؤدي إلى مخاطر ذاتية، لأن القطاع المالي أكثر تقلباً من القطاع الحقيقي. وأوضح خبير البنك الإسلامي أن اختلال الآجال والنظام الهرمي كلاهما يعتمد على التسلسل، إلا أن اختلال الآجال يملك أصولاً بخلاف النظام الهرمي الذي لا يملك شيئاً. وبيّن أن المؤسسات غير المصرفية قامت بمحاكاة المصارف التجارية خلال العقدين الماضيين من خلال أسواق النقد، وحتى المصارف التجارية تحولت من الودائع إلى أسواق النقد، كاشفاً بأن مصارف الظل (المؤسسات غير المصرفية) تجاوزت في 2007 المصارف التجارية 10.5 تريليون مقابل عشرة تريليونات دولار. وواجه السويلم الجميع بحقيقة (مُرة) مفادها أن المصارف الإسلامية اليوم أصبحت تعاني المخاطر نفسها التي تعانيها المصارف التقليدية، بعد أن كانت في السابق تعاني فائض السيولة، وبدأت تتجه في الوقت الراهن إلى المبالغة في اختلال الآجال والاقتراض قصير الأجل من خلال مقلوب التورق، إلى جانب الإقراض طويل الأجل عن طريق التورق المصرفي. في غضون ذلك، أوضح توبي هيرش المدير التنفيذي لـ "هيرش المحدودة للأصول" ومؤلف كتاب "الانهيار الأخير" أن مرحلة المراهقة في التمويل الإسلامي مرت بثلاث مراحل مهمة، فمن التناقض بين الالتزام بالنمط السائد والبحث عن هوية، إلى اختبار النظم وتعرضها للتوبيخ القاسي (كما حدث للصكوك)، والخوف من أن يبدو التمويل الإسلامي عتيقاً. وحذر هيرش من أن مظاهر الخطر في التمويل الإسلامي تتمثل في محاكاة الاستثمارات والمنتجات الغربية، والجدل الذي يدور بين الفقهاء، الأمر الذي يعرض قارب صناعة المصرفية الإسلامية للارتطام بالصخور، وبالتالي يعوق تقدمها. أما الدكتور إقناسيو دي لاتوري من جامعة IE في إسبانيا، فقد تحدث حول إدارة المخاطر بعد أزمة الائتمان، موضحاً أن الأزمة المالية كشفت عن أن إدارة المخاطر كانت سيئة، وأن من أهم الدروس المستفادة من الأزمة أهمية الرقابة في الأسواق المالية، التنبؤ بحاجة السوق إلى السيولة، احتفاظ المؤسسات المالية بكمية كافية من السيولة، تنويع مصادر تقييم أداء المؤسسات المالية، وأهمية وضع معايير جديدة لقياس المخاطر.

ليست هناك تعليقات: