الأزمة العالمية تغربل مصانع البلاستيك المحلية
عبدالهادي حبتور من جدة
هوت أسعار البلاستيك في السعودية لأكثر 50 في المائة بفعل تأثير الأزمة المالية العالمية في قطاع البتروكيماويات ونزول أسعار البترول الذي أدى إلى انخفاض كبير في أسعار المواد الأولية والأساسية اللازمة لتصنيع البلاستيك عالمياً، إلى جانب انخفاض الطلب بسبب الكساد الاقتصادي الذي يخيم على دول العالم في الوقت الراهن.
في المقابل، أعطت الأزمة الاقتصادية مصانع البلاستيك السعودية المتخصصة فرصة أكبر لتصدير منتجاتها للخارج في ظل توقف وإغلاق عديد من مصانع البلاستيك في الكثير من دول العالم بفعل تداعيات الأزمة عليها وعدم تحملها للآثار الهائلة التي أفرزتها، حيث ارتفع معدل تصدير مصانع البلاستيك بمقدار 40 في المائة تقريباً مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأكد لـ "الاقتصادية" متعاملون في سوق البلاستيك السعودية أن الأزمة العالمية أثرت لكن بشكل محدود في المصانع المحلية لاسيما تلك التي رسخت وجودها في السوق منذ فترة طويلة، فيما لم يستبعدوا حدوث إندماجات أو تحالفات بين بعض المصانع الصغيرة، وربما تسريح موظفين لمواجهة أثر انخفاض الأسعار الكبير بعد أن تم شراء كميات كبيرة من المواد الخام بأسعار عالية.
وقال لـ "الاقتصادية" يوسف الغامدي المدير العام للمصنع السعودي لتقنية الخيوط والنسيج وعضو لجنة البلاستيك في غرفة جدة إن تأثير الأزمة العالمية في مصانع البلاستيك في السعودية محدود، وانخفاض الأسعار بمعدل 50 في المائة تقريباً سيعطي فرصة للمصانع المحلية لزيادة التصدير خارجياً، وأضاف "هناك عديد من المصانع في أوروبا، أمريكا، والصين توقفت أو أغلقت بسبب تأثير الأزمة فيها لأنها كانت تعتمد على التمويلات والقروض البنكية، بالنسبة للمصانع المحلية يوجد الآن طلب كبير للتصدير أكثر من العام الماضي بمعدل 40 في المائة تقريباً". ولم يستبعد الغامدي تعثر بعض مصانع البلاستيك "غير المتخصصة" في السعودية بفعل الأزمة الأخيرة، وقال "هناك مصانع تأثرت فعلاً في الوقت الحالي نتيجة لانخفاض الأسعار بشكل كبير، لاسيما أولئك الذين لديهم مخزونات عالية تم شراؤها بأسعار مرتفعة ثم هوت الأسعار لأكثر من النصف الأمر الذي أثر بشكل مباشر في بعض مصانع البلاستيك فإما أن تبيع هذه المصانع بخسارة أو تقفل نشاطها نهائياً".
من جانبه، يرى مأمون والي نائب مدير عام شركة والي لصناعة البلاستيك وعضو لجنة البلاستيك في غرفة جدة أن ارتفاع وانخفاض الأسعار بشكل كبير يضر السوق مباشرة لأن هناك مصانع وقعت عقود شراء أثناء موجة الارتفاع ثم تأثرت كثيراً بعد نزول الأسعار الكبير، كما تأثرت خطوط التصدير العالمية بشكل عام، وأصبح هناك قلة في الطلب بفعل الكساد الاقتصادي.
وأكد والي أن المملكة من أقل الدول تأثراً بالأزمة العالمية نظراً لمتانة اقتصادها والسياسة الاقتصادية الحكيمة المتبعة، وأردف "ما أثر في السوق المحلية هو تذبذب أسعار البلاستيك بفعل تذبذب أسعار البترول، ودائماً ما نفضل نحن انخفاض الأسعار لوجود منافسين لنا يقتنصون فرصة أي ارتفاع لعرض منتجاتهم البديلة للبلاستيك".
ولفت عضو لجنة البلاستيك إلى أن الطلب المحلي على البلاستيك لم يتأثر بفعل الأزمة، مشيراً إلى أن المصانع السعودية تعتمد على التصدير بمقدار 40 في المائة، فيما تستهلك السوق المحلية 60 في المائة.
وأشار والي إلى أن الأزمات دائماً تقوم بعمليات "غربلة" في أي قطاع، وقال "لاشك أن الأزمة ستغربل مصانع البلاستيك في المملكة من حيث إندماج بعض المصانع أو إغلاق بعضها وربما يحول البعض نشاطه لتلافي الخسائر الكبيرة التي قد تلحق بهم".
يذكر أن عدد مصانع البلاستيك الوطنية والمشتركة المنتجة للبلاستيك في المملكة يبلغ 759 مصنعاً بإجمالي تمويل يتجاوز 136 مليارا، وتضم نحو 78.6 ألف عامل، وأوضحت إحصائيات التجارة الخارجية وجود تطور كبير في قطاع المنتجات البلاستيكية من حيث الحجم والقيمة، وأن هناك آفاقا واعدة لنموه.
وأفادت تقارير سابقة أن أهم العوائق التي تواجه صناعة وصادرات المنتجات البلاستيكية وتحد من نموها وتطورها تتمثل في وجود طاقات إنتاجية غير مستقلة في المصانع الوطنية إضافة إلى عدم وجود إدارات متخصصة في التسويق وضعف تحويل رأس المال العامل واللجوء إلى التمويل ما يزيد من تكلفة الإنتاج، وعدم توافر المعلومات الإحصائية الدقيقة عن الطاقات الإنتاجية الفعلية لمصانع المنتجات البلاستيكية العاملة في المملكة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق