الجدل الفقهي يتطور ويهدد مستقبل الصكوك الإسلامية
محمد الخنيفر من الرياض ـ عبد الهادي حبتور من جدة
ارتفعت حدة الجدل الفقهي حول الصكوك الإسلامية (بديل السندات)، ويخشى أن يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف هذه السوق. وفي حين أن هناك تشكيكا في سلامة الصكوك واتهامات بأن 85 في المائة منها غير متطابق مع الشريعة، خرج بعض مؤسسات التصنيف الائتماني الأسبوع الماضي بتقارير متفائلة حول مصير صناعة الصكوك الخليجية على "المدى الطويل" في خطوة أرادت من ورائها - مؤسسات التصنيف- تطمين عملائها بمتانة هذه السوق وصلابتها، التي قفزت مبيعاتها إلى 30.8 مليار دولار العام الماضي، مقابل 18.1 مليار دولار في عام 2006.
في الوقت ذاته، حذر خبراء اقتصاديون من مغبة استمرار الخلاف الفقهي الدائر حول مشروعية الصكوك، مؤكدين أن ذلك سيؤثر مستقبلاً في قبولها عالمياً، وربما سيؤدي في النهاية إلى إلغاء هذا المنتج من قائمة المنتجات المالية الإسلامية.
وتأتي هذه التقارير في ظل أنباء غير مؤكدة تفيد بتأثر سوق الصكوك الخليجية خلال الشهرين الماضيين بالتصريحات الإعلامية المثيرة للجدل حول شرعية الصكوك، الأمر الذي ترتب عليه تردد العديد من الشركات والبنوك الإقليمية في الدخول إلى هذه الأسواق حتى تتضح الرؤية.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
تفاعلت قضية التشكيك بالسندات الإسلامية واتهامها بأن 85 في المائة منها غير متطابق مع الشريعة, بعد أن خرجت بعض مؤسسات التصنيف الائتماني الأسبوع الماضي بتقارير متفائلة حول مصير صناعة الصكوك الخليجية على "المدى الطويل" في خطوة أرادت من ورائها - مؤسسات التصنيف- تطمين عملائها الحاليين والمحتملين بمتانة و صلابة هذه السوق التي قفزت مبيعاتها إلى 30.8 مليار دولار العام الماضي، مقابل 18.1 مليار دولار في عام 2006.
وجاءت تلك التقارير الوردية في ظل أنباء غير مؤكدة تفيد بتأثر سوق الصكوك الخليجية خلال الشهرين الماضيين بالتصريحات الإعلامية المثيرة للجدل حول شرعية الصكوك، الأمر الذي ترتب عليه تردد العديد من الشركات والبنوك الإقليمية في الدخول إلى هذه الأسواق حتى تتضح الرؤية حول السندات الإسلامية من قبل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية, والمنتظر أن تعقد اجتماعها منتصف الشهر الجاري.
وسبق لوكالة موديز العالمية أن أكدت في قبل أسابيع مضت أن إصدارات (من السندات التقليدية والإسلامية) لا تقل عن عشرة مليارات كان من المقرر تحصيلها في الربع الأخير من العام الماضي إلا أنها تأجلت بسبب تدني أحوال السوق العالمية بعد أزمة الرهن العقاري التي ضربت الأسواق الأمريكية. وكان الشيخ محمد تقي عثماني رئيس المجلس الشرعي في الهيئة أكد أن نحو 85 في المائة من الصكوك الصادرة في الخليج العربي لا تلتزم على نحو تام بالأحكام الشرعية.
ويعود السبب في ذلك إلى وجود بند حول التعهد بإعادة شراء الصك بحسب قيمته الاسمية، وهو ما يضمن أن أية مخاطر حول السداد تظل تتحملها الجهة المصدرة للصك وليست ضمن الأوراق المالية الصادرة والموجودات الضامنة لها. وعليه فإن إعطاء وعد من هذا القبيل يعد خرقاً لمفهوم اقتسام المخاطرة والأرباح، وهو المفهوم الأساسي الذي يقوم عليه مبدأ الصكوك.
الفجوة السعرية
وفي السياق نفسه, ألمحت وكالة ستاندارد آند بورز أخيراً أنه من المتوقع أن تصبح السندات الإسلامية أقل تكلفة بالنسبة للمؤسسات المصدرة في الخليج العربي، على اعتبار أن الطلب المتزايد على الصكوك في قطاع الشركات يحفز المنافسة في السوق.
وقال محمد فايق، وهو محلل ائتماني لدى ستاندارد آند بورز: "إن الخبرة السابقة مع أدوات الدين مثل الأوراق المالية المدعومة بالسندات، إلى جانب المؤشرات السوقية الحالية، توحي بأن الابتكار والطلب السوقي على الصكوك سيستمران إلى أن تتطور الصكوك لتصبح إحدى فئات الموجودات القابلة للتداول على نطاق واسع."
وتابع "بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤسسات المالية ستتنافس لاقتناص هذا الجزء من السوق وفي نهاية الأمر تعمل على تضييق الفجوة السعرية بين الصكوك والأدوات المالية التقليدية."
ولم تتحدث ستاندارد آند بورز عن مدى التضييق الذي ستصل إليه الفجوة السعرية، ولم تحدد إطاراً زمنيا لهذا الأمر.
وعزت ستاندرد, في تقريرها الذي حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه , نشوب الفجوة السعرية، وإن كانت صغيرة ومتناقصة، بين الصكوك والسندات التقليدية إلى سببين رئيسين لذلك، يرتبط الأول بتكاليف الإصدار، حيث تتطلب الصكوك هياكل قانونية أكثر تعقيداً إلى حد ما من السندات التقليدية، ما ينتج عنه دفع تكاليف أعلى لهيئات الاستشارة القانونية، والثاني هو أن المستثمرين ربما يطلبون معدلات عوائد أعلى من الصكوك للتعويض عن طبيعتها غير السائلة نسبياً، وبسبب الافتقار إلى أنظمة فعالة في الجوانب القانونية وقوانين الإفلاس في مناطق الاختصاص التي تعمل فيها الجهات المصدرة.
المخاطر الائتمانية
لكن "ستاندرد آند بورز" حذرت من أن الصكوك تنطوي على مخاطر ائتمانية محددة، خصوصاً فيما يتعلق بالتأخير في الدفعات التي تسير وفق مواعيد محددة، وحالات الإعسار، وحماية الموجودات، والقضايا الهيكلية ومعايير الإبلاغ.
من جهته يقول أندرياس كينداهل ,محلل الائتماني لدى الوكالة : "رغم أن الصكوك التي تصدرها الشركات لا تزال قليلة العدد حتى الآن، إلا أن شعبيتها تبدو أنها ستزداد في الوقت الذي تتطور فيه الأسواق الرأسمالية للدول الإسلامية وتسعى فيه الشركات المصدرة للسندات للعمل على بدائل عن السندات التقليدية تكون ملتزمة بالأحكام الشرعية."
يذكر أن الصكوك في العادة تكلف الجهات المصدرة أكثر من السندات التقليدية لأنها تعد أدوات مالية جديدة نسبياً، وبالتالي يتعين على الجهات المصدرة تقديم حوافز أكبر لاجتذاب المستثمرين.
وتعد القاعدة التقليدية للصكوك هي البنوك وأسواق السندات الحكومية، ولكن الاهتمام المتزايد في الأدوات المالية الملتزمة بالأحكام الشرعية عمل على توسعها باتجاه قطاع الشركات.
صكوك قائمة على موجودات
معلوم أن ستاندارد آند بورز لا تعطي رأياً حول مدى التزام أوراق مالية معينة بالأحكام الشرعية، فالوكالة تستخدم منهجاً يسري على جميع الأوراق المالية في الصناعة وتطبقه في سبيل تقييمها للصكوك، وهو منهج يغلب عليه أن يضع في الحسبان آليات تعزيز الجدارة الائتمانية للمؤسسات.
وتفرض الأحكام الشرعية أن يعمل المستثمرون على تمويل الموجودات التشغيلية، وأن يقترن ذلك بكون استثمارهم يتمتع بطبيعة شبيهة بحقوق الملكية. وهذا يعني أن حاملي الصكوك ربما يتوقعون الحصول على ملكية قانونية غير مباشرة في الموجودات المخصصة للصكوك. ولكن هياكل الصكوك التي شهدتها ستاندرد حتى الآن قائمة على الموجودات أكثر من كونها مضمونة بالموجودات. وهذا الشكل لا يعرض حق ادعاء قانوني مباشر على الموجودات المخصصة للصكوك، ومن هذا الباب فهو يشبه الإقراض دون ضمانات.
وتقدم المعايير المحاسبية الدولية قدراً من الحرية التي يمكن من خلالها تصنيف الصكوك على أنها دين أو حقوق ملكية، وفي هذه الحالة ينطبق التصنيف نفسه على المبالغ المتحصلة من الصكوك. ويتم التوصل ,بحسب ستاندرد, إلى تصنيف لصك معين بسهولة ويسر بمجرد النظر إلى الميزانية العمومية للجهة المصدرة.
وقال مؤلف التقرير قايق "إذا عوملت الصكوك على أنها دين، فإن الدفعات الدورية ستُصنَّف على أنها دفعات فوائد تقليدية تعد جزءاً من تمويل التكاليف. ولكن إذا عوملت الصكوك على أنها حقوق ملكية، فإنه يمكن الإبلاغ عن الدفعات الدورية على أنها أرباح على الأسهم وتقيَّد بصورة مباشرة في بيان التغييرات في حقوق الملكية دون المرور من خلال بيان الدخل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق