الأحد، 3 مايو 2009

التحذير من انقلاب أدوات التحوط في الخليج إلى أدوات قمار كارثية

عبد الهادي حبتور من جدة حذر أحد أبرز فقهاء الصيرفة الإسلامية في السعودية من انقلاب أدوات التحوط، التي يتم تطويرها في الخليج لتناسب الشريعة، إلى أدوات للقمار والمتاجرة بأمور أخرى بعيدة عن تلك التي من المفترض أن تكون أنشئت من أجلها والمتمثلة في إدارة المخاطر وزيادة كفاءة الأعمال, إضافة إلى حماية المستثمرين من مخاطر لا يريدونها. كشف لـ "الاقتصادية" الفقيه العالمي الدكتور محمد علي القري أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة وعضو العديد من الهيئات الشرعية في عدد من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية أن المصرفية الإسلامية استطاعت أن تطور عددا من الأدوات الغرض منها إدارة المخاطر، لكنه لفت إلى أن ذلك لا يعدو كونه بداية الطريق، وأضاف "بداية لا بد أن نعرف ما المقصود بأدوات التحوط وهي أدوات يقصد منها إدارة المخاطر والمصارف الإسلامية استطاعت أن تطور عددا من هذه الأدوات تهدف إلى إدارة المخاطر, لكننا ما زلنا في بداية الطريق ويجب أن نكون حذرين في هذا الباب لأن هذه الأدوات التي من المفترض أن يكون غرضها مشروعا وفي الوقت تكون نافعة ومفيدة للناس بشأن إدارة المخاطر وزيادة كفاءة الأعمال التجارية وتحمي المستثمرين من مخاطر لا يريدونها من السهل أن تنقلب إلى أدوات للقمار، وللمتاجرة بأمور - وإن كان من ناحية شكلية يجوز بيعها وشراؤها - لكن في مجملها تؤدي إلى الكارثة نفسها التي يعانيها العالم اليوم". وتابع القري "واحد من أهم الأسباب التي أدت إلى حدوث الأزمة المالية العالمية هو المبالغة في المتاجرة في المشتقات المالية التي ظهرت في البداية لغرض إدارة المخاطر وسرعان ما تحولت إلى أشياء أخرى، ونحن نعلم أن من يحتاج إلى إدارة المخاطر في الأصل الأشخاص الذين يعملون في تجارة تتعدد فيها مصادر المخاطر ولا يمكنهم إدارتها بالطريقة التي تعود عليهم بالنفع وعلى المجتمع ككل، فمثلاً إنسان يشتغل في تجارة السيارات وهي مهنته ويبرع فيها, لكنه يتعرض لمخاطر الصرف الأجنبي مثلاً هذا خارج نطاق عمله ولا يستطيع أن يتخصص فيه, ولهذا يجب أن يحمي نفسه من هذه المخاطر". وبين الدكتور محمد إلى أن هناك عملا جادا ودؤوبا في الوقت الراهن على تطوير أدوات تحوط وإدارة المخاطر للمصرفية الإسلامية, مطالباً بأن يضع العاملون على هذا التطور نصب أعينهم, وأن تنحصر هذه الأدوات تحت نظام الشرعية، وأردف "كلما تفكرنا وتعمقنا أكثر في أحكام الشريعة فيما يتعلق بالمعاملات المالية نجد أن هناك فرصاً كثيرة لتطوير هذه الأدوات، لأن الشريعة جاءت كاملة وهي وحي يوحى، ولذلك هي قادرة على أن تستجيب لكل الحاجات المشروعة للناس وحمايتهم من مخاطرها". يذكر أن بعض العاملين في المصرفية الإسلامية يرون أن عدم وجود أدوات للتحوط من مخاطر أسعار صرف العملات وأسعار السلع والفائدة (مثل عقود الخيار والمناقلة والعقود الآجلة والمستقبلية) يجعل المؤسسات المالية الإسلامية غير قادرة على إدارة مخاطرها بكفاءة المؤسسات التقليدية في وقت تعتمد فيه الكثير من المؤسسات التقليدية على هذه الأدوات المحرمة لإدارة مخاطرها مما يشكل عبئاً إضافياً على المؤسسات المالية الإسلامية لتطوير أدوات تحوط شرعية تكون قادرة على تغطية مخاطرها.

ليست هناك تعليقات: